المقالات

حين يخدعنا العقل: كيف تصنع أدمغتنا واقعًا لا يشبه الحقيقة؟

Advertisements

حين يخدعنا العقل: كيف تصنع أدمغتنا واقعًا لا يشبه الحقيقة؟

بالرغم من أن العقل يمتلك قدرات مذهلة على التحليل والمنطق. إلا أنها ليست دائماً مرآة صادقة للواقع. نحن نحب أن نعتقد بأننا نرى العالم بوضوح. ونتخذ قراراتنا بعقلانية. لكن الحقيقة أن عقولنا مليئة بالتحيزات والانحرافات الإدراكية التي تؤثر بشكل خفي ومباشر على تفكيرنا وسلوكنا.

هذه التحيزات ليست مجرد عيوب في التفكير. بل هي آليات عقلية تطوّرت على مدار آلاف السنين لمساعدتنا على اتخاذ قرارات سريعة في بيئات معقدة وخطِرة. ومع أنها كانت مفيدة في الماضي. إلا أنها في عالمنا الحديث. المليء بالمعلومات والتحديات الأخلاقية والاجتماعية. قد تؤدي بنا إلى أخطاء كبيرة في الحكم.

. نميل إلى تصديق المعلومات التي تدعم معتقداتنا المسبقة.

ونتجاهل أو نقلل من أهمية المعلومات التي تتعارض معها. هذا يجعلنا نعيش في “فقاعات فكرية” تعزز قناعاتنا بدلاً من تحديها.

نقيّم الأمور بناءً على سهولة تذكرنا لها، وليس على احتمال وقوعها الفعلي.

لذا، بعد سماع خبر عن جريمة نادرة، قد نشعر أن العالم أكثر خطورة مما هو عليه في الواقع. نلجأ إلى الأحكام السريعة بناءً على التشابه مع نماذج مألوفة. حتى لو كانت هذه الأحكام غير دقيقة. مثلاً، قد نحكم على شخص بناءً على مظهره أو طريقة حديثه. متجاهلين خلفيته أو كفاءته الحقيقية. نستمر في قرارات خاطئة لأننا استثمرنا فيها مسبقًا وقتًا أو مالاً أو جهدًا.  

بدلاً من إعادة التقييم والانفصال عنها عندما تدعو الحاجة. عندما نُعرض على معلومة أولى (حتى لو كانت عشوائية). فإنها تؤثر على تقييمنا لباقي المعلومات. مثال واضح: سعر منتج معروض بخصم كبير مقارنة بسعر أولي مرتفع، رغم أن قيمته الحقيقية قد تكون أقل بكثير. نُسقط انطباعًا إيجابيًا أو سلبيًا واحدًا على الشخص بأكمله. فمثلاً. إذا كان شخص ما حسن المظهر، قد نعتقد تلقائيًا أنه ذكي أو جدير بالثقة. غالبًا ما نعتقد بعد وقوع الأحداث أننا “كنا نعلم أنها ستحدث”. رغم أننا لم نكن نملك أي دليل على ذلك مسبقًا. وهذا يجعلنا نبالغ في تقييم قدرتنا على التنبؤ.

لماذا يجب أن ننتبه؟

التحيزات الإدراكية لا تجعلنا فقط نخطئ في الحكم على الأشخاص أو المواقف، بل تؤثر أيضًا على قراراتنا المهنية. وعلاقاتنا الاجتماعية، وحتى اختياراتنا السياسية والمالية. لكن الخبر الجيد أن إدراك وجود هذه التحيزات هو الخطوة الأولى نحو مواجهتها. حين نبدأ في ملاحظة طريقة عمل عقولنا. نصبح أكثر وعيًا، ونقلل من تأثير هذه “الفخاخ العقلية” على قراراتنا. ليس الهدف أن نُصبح معصومين من الخط. بل أن نكون أكثر تواضعًا وحرصًا في إصدار الأحكام. وأكثر انفتاحًا على المراجعة والتفكير النقدي.

في النهاية.  عقولنا أدوات قوية، لكنها ليست محايدة. ولفهم العالم بشكل أفضل. علينا أولاً أن نفهم كيف نرى العالم من خلال عقولنا.

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى