شح المياه في العراق: أزمة مناخية تتفاقم وسط عجز حكومي واضح

شح المياه في العراق: أزمة مناخية تتفاقم وسط عجز حكومي واضح
تصاعد النزاعات العشائرية جنوب العراق بسبب شح المياه والجفاف.وسط غياب الحلول الحكومية. تقرير موسّع يرصد خطورة الأزمة وتداعياتها.
بغداد – قسم التقارير والاخبار
كما لم تعد ندرة المياه في العراق تُصنّف فقط كأزمة بيئية ناتجة عن التغيرات المناخية أو سوء إدارة الموارد. بل تطورت لتصبح تهديدًا مباشرًا للسلم الأهلي. خاصة في المناطق الزراعية التي تعتمد بشكل رئيسي على الموارد المائية الموسمية. في محافظات الجنوب العراقي. وتحديدًا في ميسان. تتصاعد النزاعات العشائرية كنتيجة مباشرة لتراجع المياه وتزايد الطلب عليها.
بينما تشير الأحداث الأخيرة إلى تحول شح المياه إلى مادة قابلة للاشتعال الاجتماعي. وسط غياب إجراءات حكومية عاجلة أو استراتيجية شاملة لإدارة الموارد المائية وتوزيعها بعدالة.

محافظة ميسان نموذجًا: دماء على مياه السقي
منذ بداية عام 2025. شهدت محافظة ميسان حوادث دامية مرتبطة مباشرة بالخلافات حول المياه. ففي قرية الأبيض قرب هور الحويزة.قُتل شخصان وأصيب ثالث إثر شجار على حقول السقي. وفي قضاء قلعة صالح.أدى نزاع مشابه إلى مقتل خمسة أفراد نتيجة خلاف عشائري على المياه.
هذه الأحداث ليست الأولى، لكنها تعكس تصاعدًا خطيرًا في التوترات الاجتماعية التي تُغذيها أزمة الجفاف. ويرى وجهاء عشائر ومراقبون أن الأعراف العشائرية التقليدية لم تعد قادرة على احتواء الصراعات كما في الماضي، خصوصًا مع اشتداد الضغوط الاقتصادية على المجتمعات الريفية.
تغير المناخ، السدود، وسوء الإدارة.. ثلاثية التهديد
يعاني العراق منذ عقود من انخفاض في إيرادات نهري دجلة والفرات بنسبة تصل إلى 40%، نتيجة قلة الأمطار، وارتفاع درجات الحرارة، وبناء السدود في دول المنبع (تركيا وإيران). ويُقدّر أن العراق سيواجه عجزًا مائيًا يصل إلى 10 مليارات متر مكعب بحلول 2035، ما سيؤثر على الاستقرار المائي والزراعي للبلاد.
إضافة إلى ذلك، تُوجَّه انتقادات حادة إلى وزارة الموارد المائية بسبب فشلها في إدارة توزيع المياه بين المحافظات والقرى بشكل عادل، ما فاقم الاحتقان في المناطق الريفية.
🔻 الزراعة في تراجع.. والنزوح يتسارع
تسببت أزمة المياه في تدهور كبير في الإنتاج الزراعي، حيث تشير الإحصاءات إلى أن الإنتاجية انخفضت بنسبة تصل إلى 50% في عام 2022. هذا التراجع دفع آلاف المزارعين إلى ترك أراضيهم والهجرة نحو المدن الكبرى بحثًا عن فرص عمل بديلة، ما زاد الضغط على البنية التحتية في المناطق الحضرية وخلق تحديات ديموغرافية واقتصادية إضافية.
ويحذر خبراء من أن هذا النزوح الداخلي يمثل تهديدًا جديدًا للنسيج الاجتماعي العراقي، حيث تفقد المجتمعات الريفية طاقتها الإنتاجية وهويتها الثقافية، بينما تستقبل المدن سكانًا بلا مهارات حضرية كافية، ما يزيد من معدلات الفقر والبطالة.
🔻 تحذيرات مبكرة.. بلا آذان صاغية
منذ أكثر من عقد. حذرت منظمات دولية ومحلية من أن أزمة المياه قد تؤدي إلى صراعات أهلية إذا لم تتم إدارتها بشكل استراتيجي. منظمة “ميرسي هاندز” الدولية للرعاية الإنسانية. أكدت في تقرير سابق أن ثلثي مساحة العراق معرضة للتصحر، وأن السلطات لم تطرح أي خطة حكومية جادة للتكيف مع هذه الأزمة.
وحتى اليوم، لم تُطلق أي مبادرة وطنية فعالة لمعالجة الجفاف أو دعم المجتمعات الزراعية، في وقت تبنت فيه دول مجاورة سياسات واضحة مثل تحلية المياه، وتطوير الزراعة الذكية، وتكنولوجيا الري الحديث.
🔻 ما الحل؟.. بين الوعود والتخطيط الغائب
يرى المختصون أن العراق بحاجة عاجلة إلى إستراتيجية وطنية للمياه، تشمل:
- التفاوض الجدي مع دول المنبع بشأن الحصص المائية
- تطوير بنى تحتية حديثة للري واستصلاح الأراضي
- توفير بدائل اقتصادية للمزارعين المتضررين
- تفعيل العدالة في توزيع المياه وفق خرائط زراعية علمية
- إطلاق حملات توعية وتثقيف بيئي
من دون تدخل حكومي سريع، فإن شح المياه لن يبقى مشكلة بيئية فقط، بل سيتحول إلى أزمة أمن وطني تهدد الاستقرار والسلم الأهلي، خاصة في ظل هشاشة الأوضاع السياسية والاقتصادية.
🧾 خاتمة: الجفاف اختبار الدولة.. فهل تنجح؟
تمثل أزمة المياه في العراق اختبارًا حقيقيًا لقدرة الدولة على حماية مواطنيها من أخطار التغير المناخي وسوء الإدارة. وبينما يسقط الضحايا في صراعات على المياه، تلوح في الأفق أزمة أكبر ما لم تتحول التحذيرات إلى سياسات فاعلة وتنفيذ عاجل.
الكلمات المفتاحية:
الجفاف في العراق، شح المياه، النزاعات العشائرية، محافظة ميسان، الموارد المائية، التغير المناخي، أزمة الزراعة، الهجرة الداخلية، وزارة الموارد المائية، أزمة المياه في جنوب العراق
🏷 الوسوم:
#الجفاف_في_العراق #شح_المياه #ميسان #النزاعات_العشائرية #التغير_المناخي #الأمن_المائي #الزراعة_في_العراق #الهجرة_الريفية #العراق_يختنق